مــــــــن كــــــــــلام الـــكــبــــار2

رسائل شوق ...

معك أستعيد طفولتي ، أبكي وأضحك معاً ، أمدّ يدي لأمسك بالقمر ، وأمسح على جبين الشمس وأعانق الشجر ، معك يدمع الوجدان وتتندّى الأجفان ويغرّد الوتر ....
أسمع من بعيد لحناً يستثير لواعج الشوق ويحدو بالحبيب أن يلامس حبيبه ، وأن يذوب في نعيمه ... وإذا عزَّ اللقاء ، أرسل له رسالةً مع نسيم المساء ، ومع سُرى الليل في عمق الكون ... وإذا أعوزته لغة الكلام مدّ عينيه يخترق أسداف الظلام لعل قبساً من نور عينيه يدخل مخدع الحبيب ، ويقبّل جفنيه ويغسله بشلالٍ من الضياء .. لكني عندما أستحضر هذه الصور جميعها ، على روعتها ، على ندرتها ، على وهجها ... أنبذها .. وأنمق رسائل شوق أستعيرها من نبضة القلب ، وخفقة الدم .. أوجهها إليك في علاك ، ودموعي تغسل صوري قبل أن تُسَفِّرها ، وأنا واثقة أنك تقبلها ، فما من صفاتك أن تردّ يداً امتدت لك ، ولا آهةً استجارت بك ، ولا ومضة عين اخترقت حجابك ، ولا خفقة قلب دقت على بابك ....
وأنا أفرح أفرح ، أغبط نفسي ، أشدّ على يدي ، أنفصل إلى كيانين يحاور الواحد الآخر ، يقول هنيئاً لك قربك من المحبوب ، هنيئاً لك تلك اللحظات التي تجيش فيها العواطف ، وتعتصر فيها الدموع ، فيقول الكيان الثاني : وهل نحن إلا شخص واحد ؟...
يجيب الأول : أنا أعلم ذلك ... لكني أحب أن ننفصل إلى كيانين يهنىء أحدنا الآخر ، لأني لا أحب أن أتلقى التهاني من خارج ذاتي ، لا أريد أن أنشر أشواقي إلاّ على أوراقي .. وإذا شاء الله أن تنشر فلكي تحمل شذا الجنة إلى عباد الله ( إلى كل مَن أحب ..) ، لكي تقول لهم : اسمعوا قول خالقكم : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) ...
لتقول لهم : انظروا إلى الصلصال حين يدخل الخلوة كيف يصبح ماساً ، انظروا إلى من يعنو إلى جلالي كيف يحلّق في سمائي ، ومن يطرق بابي كيف يستقبل في رحابي ، ومن يركع على أعتابي كيف يُحتفى به في ملكوتي ، وأيّ نعيم يذوق فوق بساطي ....
انظروا إلى من يتعلق بالتراب ماذا يحصد ، الهم والحزن والبعد والحرمان ... فأنا خالق التراب والصور والأمثال والأشباه ، فتعلقوا بالموجد لا بالموجود ، وبالخالق لا بالمخلوق ، كل شيء إلى فناء وغياب .. وكل فراق إلى لوعة وعذاب ... وأنا وحدي إذا اقتربت مني فلن تفارقني .. ولن أغيب عنك .. وسأنزل عليك من سماواتي في جوف الليل أمدّ لك يدي ، فتتحرر من مغناطيس الأرض ، وتصعد إلى عالم الملكوت دون جناحين .. لأنك تحولت إلى روح بعد أن نفخت فيك من روحي ... وأسجدت لك ملائكتي .. وسقيتك من شراب قدسي .. من أجل هذا خلقتك ، فهل فهمت رسالتي ؟؟...
( بلى يامولاي .. برحمتك فهمت .. )

رسائل حب – بقلم ملك الحافظ

سبحان الله خالق كل شيء
شكرا على حسن الاختيار للمعاني الكبيره وتسلمي